الكتب أم المقالات؟

 

لأول وهلة نفهم من سماعنا لكلمة كتاب هو ذلك المصدر الكبير المكتظ بالمعلومات والذي يحتاج إلى أيام طويلة لإتمامه، الشيق بمحتواه الدافئ بطرحه. أما المقال فهو تلك القطعة النثرية القصيرة التي تتناول أفكارًا قليلة وتناقشها بسلاسة لتجيب على سؤال تبادر إلى الذهن أو تغذي فكرة أو تساعد على حل معضلة. لكن أيهما تختار المقال أم الكتاب؟

بالحقيقة الموضوع أعمق من الإجابة عليه بكلمات معدودة، حيث أن الكتاب أو المقال فيه: المؤلف، تاريخ النشر، اللغة، أسلوب السرد،  طريقة عرض المحتوى، والحاجة للمعلومات المطروحة كلها أمور تؤثر في قراراتنا لاختيار المصدر الأنسب لاحتياجنا، كما سيتبين لنا في هذا المقال.

وقبل التمعن يجدر بنا الإشارة إلى أن الكتب والمقالات تكون متوفرةً أيضًا كموادٍ صوتية فيوجد العديد من التطبيقات التي توفر الكتب الصوتية وتطبيق راوي يوفر كذلك المقالات الصوتية المتنوعة.

 

الكتاب:

التاريخ زاخر بإنتاج الكتب ولعدة أسباب منها لتخليد رواية فنية، لتدوين مذكرات، لطرح علم أو نظرية، لسرد حياة شخصية، لتوثيق التاريخ أو لسد شغف القارئ النهم، حيث أن تناول كتاب والإبحار في فضائه هو  متعة تضاهي متعة المدمن الذي يحتاج إلى جرعات متتالية من العقاقير وإلا سيركن في فناء الظل، ونحن نتحدث هنا عن الكتب سواءٌ أكانت ورقيةً أم إلكترونية.

وهذه عدة نقاط توضح مزايا الكتب:

 

  • إن مهمة تأليف الكتاب هي عملية مكلفة للوقت والجهد حيث أن مؤلفي الكتب يولون اهتمامًا منقطع النظير أثناء التأليف، ويستغرق ذلك منهم أوقاتًا طويلة قد تصل لسنواتٍ وهم يبحثون وينقبون عن معلومات وتقارير وبيانات معينة لدعم نظرياتهم أو مناقشة أطروحات غيرهم. وقد يتعاضد أكثر من مؤلف لإنجاز كتابٍ واحد.

 

  • الكتاب يُسافر بالقارئ برحلةٍ قد تستمر لأيامٍ يسحب القارئ خلالها ليعيش ويتعلق ويتأثر بشخصيات المحتوى والمؤلف.

 

  • لضخامة الكتاب بصفحاته ومحتواه فهو لا يجيب على سؤال فحسب بل يكسب القارئ مهنة، حرفة، علم، أو قد يغير حياة إنسان. والكتاب يتيح لك فرصة التتلمذ على يد مؤلفه.

 

  • الكثير من الكتب لا تتوفر مجانًا بل هناك بعض الكتب كالجواهر الثمينة يصعب الحصول عليها حتى مع دفع الأموال الباهظة، فمثل تلك الكتب التاريخية الأسطورية التي تنقل حكمًا وحقائق بوزن حضارة، تلك لاتقدر بثمن.

 

  • الكتب تُدَون وتحفظ لسنواتٍ طويلة، حيث يمكن البحث عن كتاب قد طيع قبل خمسون سنة مثلا، لكن يصعب ذلك مع المقالات.

 

  • الكتاب لايُنشر بسهولة، بل يخضع لسلسلة إجراءات من تدقيق وتمحيص قبل الطباعة والنشر.

المقال

في المقابل هنالك المقالات القصيرة الغنية المختصرة التي تناقش معلومة أو فكرة معينة وتجيب على سؤال سريع بكلمات محدودة وواضحة مع توفر الصور أو المقاطع الصوتية في بعض الأحيان مما يجعل المعلومة تصل بوضوح للقارئ. وانتشرت في الآونة الأخيرة المقالات والمدونات بكثرة سواء المطبوعة أو الإلكترونية لضيق وقت البعض بالبحث عن كتاب، فصار جزء من القُراء يفضلون الحصول على إجابات سريعة من خلال قراءة المقالات بدل اقتناء الكتب. وهنا سنعرض أهم مميزات المقالات

  • لا يحتم على كاتب المقال أن يكون ذا صاع وباع في علم معين أو نظرية فيكفي أن يكون قد اختبر أمر أو واجه معضلة ليُدونها و ينقلها للغير للاستفادة والعبرة.
  • يمكن للمقال أن يتناول أي مجال من مجالات الحياة من فن، طبخ، رياضة، علوم، وتكنولوجيا، وما إلى ذلك من مواضيع منوعة.
  • عند الانتهاء من قراءة مقال سنكتفي بإيجاد الإجابات الوافية لسؤال محدد، لكن لا يقود ذلك إلى الحصول على علم أو اكتساب مهنة أو حرفة.
  • كتابة المقال يمكن أن تكون خلال فترة قصيرة وقرائته قد لا تستغرق سوى دقائق.
  • المقال لا يولِد تلك العلاقه الوطيدة مع القارئ، بل قد يمر عليه القارئ مرور الكرام للاطلاع على محتواه ويمكن إنهاء عشرات المقالات في شتى الميادين خلال يومٍ واحد.
  • المقالات متوفرة ومتاحة للجميع مجانًا في أغلب الأحيان.
  • لا يحتاج المقال إلا إلى مؤلف أو كاتب واحد.
  • ليس بالضرورة أن يخضع المقال إلى التدقيق قبل نشره.